الرحيل ،


                                 


صباح الشوق سيديّ الوالد  :

وددتُ أن أخبرك بأن هذه السنة قد ابتدأ موسم الخريف على منزلنا أولاً 
  واغتسل منزلنا بماء المطر .. 
أظنها يا أبي بداية العتاب الصامت بيننا وبين منزلنا 
وكأنه كان يلوي ذراعنا بطريقةٍ مآ  
..

الحارةُ يا أبي 
فمن بعدك تشبعّت بروائِح الموت  ..
أصدقائك لم يحتملون مُر الفراق ، آتو إليك عجلين 
وأما نحن فصابرين مُحتسبين أجر الشوق من الله

أما البيتُ يا أبي 
فصار وِحشٌ جداً من بعدك ونخاف أن تسقط جدرانه علينا
 فكلما أرتعشنا من الشوقِ لك 
زلزّل : يا مُعيـن !
فقد آنوستِه .. 
فقد آمانه ..
 فقد اتزانه ..
ولكن لا تقلق حبيبي
ف حبيبتُنا الغالية تنثرُ البركة أينما حلت
وتبقي ذكراك حيٌ لا يموت
الخير بأمي التي تجعلنا متماسكين كلما ارتخينا

لا عليك أبي .. 
أشجاركُ الخضراء ستبقى على ماهي عليه لو نغرسها بصدرنا ونهرب بها إلى نهر دجلة 
وسأدعو الله صبحٌ و عشية أن تُمطر السماء فوق بيتنا ليبقى زرعك وخيرك يُثمـر ..
 حتى لقاءنا الأبدي بك ..

ولكن يا أبي ..
تلويحة امي بيديها للبيت ..
ودموعها التي أغرقت جلبابها ..
ولسانها الذي علق قائِلاً :
 " كفيت ووفيت وتحملت يا هالبيت .. كفيت ووفيت
كان عليك يا أبي أن تُشاهد توديعها بعينك 
لإنك حينها ستبني لدموعها قصراً يليقُ بوفائِها

ثم إن بيتنا الجديد بأرضك التي سعيت بها ليلاً ونهاراً لتجعلها جنةٌ نتمتع بِها 
وهنا المكان حيويٌ أكثر .. 
ومنزلنا مُحاط بالغيوم ظهراً ، وتواسينا النجوم ليلاً ..
سنعتاد حبيبي لاتقلق لأجلنا .. 
مادامت الأرضُ أرضك 
والنخلُ نخلك 
والخير خيرك
نحن بخير ..

   ..قبلةٌ على رأسِك العزيز..
...مع فائق الاحترامِ والشوق لك حبيبي الغالي ...

 -
رهف الخليوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

                               ونجمــةٍ تؤخذ على مهَل، وتُـــزرع بالعنق ..